حياة الهادى البشير محمد صلى الله عليه و سلم
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن قصى بن كلاب بن مُره بن كعب
بن لؤى بن غالب بن فهر بن عدنان بن إسماعيل بن ابراهيم عليه السلام من قبيلة
قريش , ولد يوم الأثنين من إبريل سنة 571 ميلادية عام الفيل بمكة المكرمة , لأبوين
من قريش و هما : عبد الله بن عبد المطلب و آمنة بنت وهب , مات أبوة عن أربعة و
عشرين عاماً قبل مولده , و مات عبد الله بن عبد المطلب و هو والد الرسول أثناء
خروجة فى تجارة لة إلى الشام و دفن بيثرب ( المدينة المنورة ) و تكفل بة جدة عبد
المطلب ثم مات جدة فتكفل بة عمة أبو طالب , فرعاه و آواه و حفظه ووعاه و لم
يسلمه للأعداء ثم توفيت أمة و هو فى السادسة من عمره .
نشأة الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم و فترة شبابه
إقتضت حكمة الله تعالى أن لا يرسل رسولاً إلا و راعى غنم و لعلها أولى مراتب
مدرسة النبوة , فالحق سبحانه و تعالى يدرب رُسله على رعاية الرعية برعى الغنمأولاً
, لأن الغنم مجتمع و أمة فيهم القوى و فيهم الضعيف و الشقى و الوديع و الصحيح ,
فإذا ما رعى الراعى ووفق بين هذة الأنواع فىالأغنام , فإنة لا يستطيع أن يوافق بين
الرعية من بنى الإنسان على إختلاف صنوفهم و عقولهم و أفكارهم و التعامل مع كل
نوع بما يناسبه , و قد رعى رسول الله الغنم مثل من سبقوه من الأنبياء , و عندما صار
شاباً يافعاً , سافر مع عمه أبى طالب فى رحلات تجارية إلى الشام و نظراً لأمانتة و
صدقه قام بعده رحلات تجارية إلى الشام ثم قام بعدها برحلات خاصه لحساب السيدة
خديجة بنت خويلد , و هى أرملة ثرية , و سيأتى تفصيل ذلك بإذن الله تعالى . و قد
تعلم الفروسية و فنون القتال فى شبابة كعادة شباب العرب بعيداً عن مجالس الخمر
و لعب الميسر و كان يكره الأصنام الموجودة حول الكعبة , و من شمائله يوم الحجر
الأسود حينما تصارعت القبائل و تنازعوا فى وضع الحجر أثناء تجديد الكعبة , كل قبيلة
تريد أن تظفر بوضع الحجر الأسود ( و هو حجر من الجنة ) و كادت تقع فتنةكبيرة و
يشتعل القتال فأجتمعوا أمرهم أن يحتكموا لأول داخل عليهم فكان هو محمد وبفطانه
النبوه و رجاحه عقل الأذكياء , يقرر أن يضع الحجر الأسعد فى عباءته و تأخذ كل قبيلة
بطرف منها , و بذلك تكون كل قبيلة قد ساهمت فى وضع الحجر , و أخمد نار الفتنة .
شخصية الرسول صلى الله عليه و سلم
كان رسول الله قوى الشخصية زكياً فطناً , شديد اللحظ , جميل الخلق , كريم الصفات
, اثنى عليه ربه سبحانه و تعالى و قال { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم } (4) سورة القلم ,
كان لايؤمن بدين قومة و كان يميل إلى الوحدة بعيداً عنهم , و كان غالباً ما يعتزل
أسرتة من وقت لأخر ليتفكر فى خلق السماوات و الأرض والجبال و الشجر و كان دائماً
ما يذهب إلى غار حراء بجبل صغير لا يبعد عن مكة كثيراً و كان يذهب وحده ويوجه
نظره إلى الكعبة مكان العبادة و يتفكر فى خلق الكون و كانت السيدة خديجة رضى
الله عنها تعينه على ذلك و ترسل له الطعام فى الغار و كان ذلك قبل أن يبلغ الأربعين
عاماً من عمره , فتعود من صغره على العمل و التفكر و حسن الخلق و كان أمُى لا
يعرف القراءة ولا الكتابة و لكن علمه ربه فأحسن تأديبه فأصبح اكبر و افضل معلمى
البشرية
نزول القرأن على الحبيب صلى الله عليه و سلم
عندما بلغ الرسول سن الأربعين عاماً و فى يوم الأثنين الموافق السابع عشر من
رمضان و بينما هو يتعبد فى الغار سمع صوتاً قوياً يقول له اقرأ , فيقول ما أنا بقارىء و
يكرر ثانية اقرأ , فيقول ما أنا بقارىء , ثم يقول سيدنا جبريل فى الثالثة اقرأ {اقْرَأْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَق (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
(4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم ْ} سورة العلق . و عندما قرأ سيدنا محمد هذة الأيات
الكريمة و همَ بالخروج من الغار سمع صوتاً يقول يا محمد أنت رسول الله و أنا جبريل ,
و عندما رفع سيدنا محمد عينية رأى الملك ( سيدنا جبريل ) واقفاً على هيئة إنسان
فى أفق السماء ثم أختفى , فعاد رسول الله و هو فى حالة الفزع إلى السيدة خديجة
فكانت تهدىء من روعة و تقول : إنك رسول هذة الأمة , و هكذا حال الوحى , تارة
صلصلة الجرس و تارة صوت الإنسان للإنسان . فعلم سيدنا محمد أنة هو رسول هذة
الأمة و أخذ يجهز نفسة لأكبر مهمة فى التاريخ و هى مهمة الدعوة السرية و الجهرية
للإسلام و لم يكن الأمر هيناً لأنة تربى فى قريش و هى من اكبر قبائل مكة و كانت
معظمها تعيش على الكفر و عبادة الأصنام و كان عمة أبو طالب كافر و لكنة كان يحبة
حباً شديداً و كان ابو طالب يدافع على النبى دائماً سواء قبل الإسلام أو بعد نزول
الوحى و بدأالدعوة .
نشر الدعوة سراً
بدأ الرسول بالدعوة للإسلام بعد أن تيقن له أنه رسول هذة الأمة و هو الذى
سيُخرجها من الظلمات إلى النور فجاء إلى أعلى مكان فى مكة و صعد إلى الجبل و
قال للناس , أيها الناس: يا معشر قريش , أرءيتم إن قلت لكم أنه خلف هذا الجبل خيل
تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقى؟ قالوا نعم , ما جردنا عليك شىء من قبل فأنت
الصادق الأمين , فقال لهم النبى : فإنى نذير لكم بين يدى عذاب شديدً و إنى أدعوكم
إلى الإسلام أو إلى عذاب من الله تعالى و من هنا بدأت السخرية فبعد أن كان
الصادق الأمين أصبح الكاذب و الكاهن و الشاعر و بدل أسمة الجميل محمد سموة
لعنهم الله (( المزمم )) , ثم أخذ رسول الله يدعوا إلى الله سراً فبدأ بدعوة أسرته
وأصدقائه المخلصين لعباده الله عز و جل فى مدة ثلاث سنوات سراً و أخذ رسول الله
يدعوا اصدقائه و أهله أن يتركوا عبادة الأصنام فكان أول من آمنت به : زوجته خديجة
بنت خويلد رضى الله عنها ثم ابن عمه على بن أبى طالب و زيد بن حارثة و صديقه أبو
بكر الصديق و بعض أقاربة و أخذ كل منهم يدعوا إلى الله فى أهل بيتة و كل من
يعرفونة حتى بلغ لقريش أن محمد يدعوا قريش لترك عبادة الأصنام و الاتجاه لعباده
الله وحده لا شريك له و من هنا بدأت رحلة الجهر بالدعوة و بدأت عداوة الكفار للرسول
.
نشر الدعوة جهراً و عداء قريش
فى نهاية السنة الثالثة للدعوة سراً أمر الله تعالى رسوله أن يعلن الدعوة جهراً و أن
يعظ الناس و ليعبدوا الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد و لم يولد و لم يكن له
كفواً أحد و ليتركوا عبادة الأصنام و ما أن شعرت قريش بذلك إلا و اتهمت رسول الله
بالجنون لأن عبادة الأصنام بالنسبة لهم مصلحة إقتصادية و منفعة أدبية ثم نشطت
عداوة قريش له و خاصة عمه أبو لهب و زوجتة أم جميل بنت حرب و أبو جهل (عمرو بن
هشام ) و كان يكنى بأبى الحكم , بينما بدأ الكفار يعذبون أقاءهم ( مملوكيهم ) ممن
آمنوا مع محمد و صدقوا برسالته , و فى أول الأمر امتنعوا عن ايذاء الرسول لحماية
عمه أبى طالب له , و لكن قريش لم تستطع كتم غيظها فذهب بعضهم إلى عمة أبى
طالب و أخبروة إما أن يمتنع محمد عما يقوله و إما ينازلوه فرفض محمد مقولة عمه و
قال مقولته المشهورة ((والله لو وضعوا الشمس فى يمينى و القمر فى يسارى على
أن اترك هذا الأمر لن أتركه حتى يظهره الله أو أهلك دونه)) , و كان عمه يناصره و يعلم
أن لإبن أخيه هذا شأن عظيم , لما رأى مصاحبته و مرافقته فى المسير من أشياء تدله
على ذلك مثل : إظلال الغمام له و نزول الماء حتى أستسقى لهم يوم أن قحط القوم
و أجدبت الأرض و استسقت قريش بأصنامها جميعاً فلم تُسق فجاءوا إلى ابى طالب و
قالوا : استسق لنا بإبن أخيك هذا اليتيم فأشار بأصبعه الشريف إلى السماء فأنهمرت
بالماء فأرتوى العطشى و اخضرت الأرض و شرب كل ذى الروح و بذلك كان يعلم ابى
طالب ان لمحمد شأن عظيم سيناله و لكنه كان على كفره حتى توفى فأزداد إيذاء
الكفار لمحمد و ضربوه بالحجاره و كانوا يضعون على ظهرة أمعاء جمل ميت و هو يصلى
و كانوا يخنقونة و هو يصلى و كان عقبة بن ابى معيط لعنه الله يفعل الكثير من الاضرار
برسول الله و بصق على وجه النبى و مثلة مثل باقى قريش الذين تربصوا لرسول الله و
اجتمعوا على أن يقتلوه فجمعوا من كل قبيله رجل ليقتلوه و هو يخرج من غاره فيتفرق
دمه فى القبائل و لكن الله تعالى نصره وأعمى أعينهم و أبصارهم والله على كل شىء
قدير .
إسلام عمر بن الخطاب رضى الله عنه
كان عمر بن الخطاب قوياً غليظاً شجاعاً ذو قوة فائقة و كان قبل إسلامة أشد عداوة
لدين الله و كان من أشد الناس عداوة لرسول الله و لم يرق قلبة للإسلام أبداً , و فى
يوم من الأيام قرر عمر بن الخطاب قتل سيدنا محمد فسن سيفة و ذهب لقتل سيدنا
محمد , و فى الطريق وجد رجلاً من صحابة رسول الله و كان خافياً لإسلامة فقال له
الصحابى إلى أين يا عمر ؟ قال سيدنا عمر ذاهب لأقتل محمداً , فقال له الصحابى
وهل تتركك بنى عبد المطلب ؟ قال سيدنا عمر للصحابى الجليل أراك اتبعت محمداً ؟
؟! قال الصحابى لا و لكن أعلم يا عمر (( قبل أن تذهب إلى محمد لتقتله فأبدأ بآل
بيتك أولاً )) فقال عمر من ؟ قال له الصحابى : أختك فاطمة و زوجها إتبعتوا محمداً ,
فقال عمر أو قد فعلت ؟ فقال الصحابى : نعم , فأنطلق سيدنا عمر مسرعاً غاضباً إلى
دار سعيد بن زيد زوج أخته فاطمة , فطرق الباب و كان سيدنا خباب بن الأرت يعلم
السيدة فاطمة و سيدنا سعيد بن زيد القرأن , فعندما طرق عمر الباب فتح سيدنا
سعيد بن زيد الباب فأمسكة عمر و قال له : أراك صبأت ؟ فقال سيدنا سعيد يا عمر :
أرأيت إن كان الحق فى غير دينك ؟ فضربه سيدنا عمر و أمسك أخته فقال لها : أراكى
صبأتى ؟ فقالت يا عمر : أرأيت إن كان الحق فى غير دينك ؟ فضربها ضربة شقت
وجهها , فسقطت من يدها صحيفة ( قرآن ) فقال لها ناولينى هذة الصحيفة فقالت له
السيدة فاطمة رضى الله عنها : أنت مشرك نجس إذهب فتوضأ ثم إقرأها , فتوضأ عمر
ثم قرأ الصحيفة وكان فيها { طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن
يَخْشَى (3) تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ
اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)} سورة
طـه , فأهتز عمر و قال ما هذا بكلام بشر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً
رسول الله و قال دلونى على محمد , فقام له خباب بن الأرت و قال أنا ادلك عليه
فذهب به خباب إلى دار الأرقم بن أبى الأرقم فطرق الباب عمر بن الخطاب فقال
الصحابة : من ؟ قال : عمر , فخاف الصحابة واختبؤا فقام حمزة بن عبد المطلب و قال يا
رسول الله دعه لى , فقال الرسول أتركه يا حمزة , فدخل سيدنا عمر فأمسك به
رسول الله و قال له : أما آن الأوان يا بن الخطاب ؟ فقال عمر إنى أشهد أن لا إله إلا الله
و أنك رسول الله , فكبر الصحابة تكبيراً عظيماً سمعتة مكة كلها , فكان إسلام عمر نصر
للمسلمين و عزة للإسلام و كان رسول الله يدعوا له دائما و يقول (( اللهم أعز
الإسلام بأحد العُمرين)) و هما ( عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام ) , و من هنا بادر
سيدنا عمر بن الخطاب بشجاعته و قام و قال لرسول الله : يا رسول الله : ألسنا على
الحق ؟ قال الرسول نعم , قال عمر أليسوا على الباطل ؟ قال رسول الله : نعم , فقال
عمر بن الخطاب : ففيما الإختفاء ؟ قال رسول الله : فما ترى يا عمر ؟ قال عمر : نخرج
فنطوف بالكعبة , فقال له رسول الله : نعم يا عمر , فخرج المسلمون لأول مرة يكبروا و
يهللوا فى صفين , صف على رأسة عمر بن الخطاب و صف على رأسة حمزة بن عبد
المطلب و بينهما رسول الله يقولون: الله أكبر و لله الحمد حتى طافوا بالكعبة فخافت
قريش و دخلت بيوتها خوفاً من إسلام عمر و من الرسول و صحابته رضى الله عنهم , و
من هنا بدأ نشر الإسلام علناً ثم هاجر جميع المسلمون خفياً إلا عمر بن الخطاب
هاجر جهراً امام قريش و قال من يريد ان ييُتم ولدة فليأتى خلف هذا الوادى , فجلست
قريش خوفاًً من عمر , ثم أشتد الحصار على المسلمين وأخذت قريش تديق الخناق
على رسول الله و علقوا صحيفة لمقاطعة محمد و أصحابه رضى الله عنهم ومن أسلم
معهم فأخذت قريش تقاطع بنى هاشم و بنى عبد المطلب إجتماعياً و اقتصادياً و أدبياً
فأضطر أهل الرسول إلى النزوح إلى شعاب أبى طالب بشرق مكة و بعد ثلاث سنوات
من الحصار طالب زهير بن أمية برفع الحصار عن بنى هاشم وبنى عبد المطلب
ووافقت قريش على ذلك و تم نقض الصحيفة .
الهجرة إلى الحبشة و إسلام النجاشى
فى السنة الخامسة من الدعوة الإسلامية زاد عدد المؤمنين لكنهم ليسوا بالعدد
الذى يستطيع الوقوف فى وجة قريش و الدفاع عن نفسة ضد الظلم و القهر و العدوان
, فنصحهم رسول الله بترك مكة و الهجرة إلى الحبشة لأن فيها ملك لا يُظلم عندة أحد
و عادل فى حكمة كريماً فى خلقة , وهناك يستطيعون العيش فى سلام آمنين على
أنفسهم و على دينهم و كان عددهم فى ذلك الوقت ثمانين رجلاً غير الأطفال و
النساء , و عندما علمت قريش بذلك أنزعجت و زاد انزعاجها أكثر بإسلام عمر بن
الخطاب و هجرته جهراً , وفى الحبشة كان النجاشى ملك لها و كان على النصرانية و
لكنه كان ملك كريم عادل لا يظلم أحداً , و بعد أن علمت قريش بهجرة المسلمين
ارسلوا أثنين منهم من بينهم سيدنا (( عمرو بن العاص )) قبل إسلامة فذهبوا
للنجاشى و أهدوة الهدايا ثم حدثاه بأمر المسلمين فقال لهم النجاشى : لن احكم
عليهم إلا بعد أن اسمع منهم , فجاؤا برجال من المسلمين و كان على رأسهم جعفر
بن أبى طالب فسألهم النجاشى : ما شأنكم و ما هو هذا الدين الذى تعبدونه ؟ فرد
عليه جعفر بن ابى طالب و قال : إنا كنا نعبد الأصنام و نأكل الميتا ونأكل الفواحش و
نقطع الرحم و نؤذى الناس فجاءنا رجل هو من أفضل قومنا و أوسطها برساله من عند
الله رب العالمين فأمرنا أن نعبد الله الواحد ونترك عباده الأصنام و أمرنا بصله الرحم
وعدم إيذاء الناس و أمرنا بالأخلاق الحميدة و أمرنا بترك الفجور و المعاصى و فعل الخير
فقال له النجاشى : هل عندك من ما جاء به هذا الرجل ؟ قال له جعفر نعم فقال له
النجاشى : إقرأ علي : فقرأ سيدنا جعفر : سورة مريم و ذكر له قصة زكريا عليه
السلام و يحيى عليه السلام فقال له النجاشى : إن هذا ما جاء به عيسى عليه
السلام لا يخرج من مشكاه ( النافذة ) واحدة فتأثر النجاشى و قال لهم : إذهبوا
فتركهم , و لكن سيدنا عمرو بن العاص كان زكياً فطناً فاستأذن مرة أخرى على
النجاشى فدخل عليه و قال له : إن هؤلاء الذين تركتهم فى مدينتك يسبون عيسى
عليه السلام , فأستدعاهم النجاشى مرة أخرى و قال لهم: ما تقولون فى عيسى
عليه السلام ؟ فردوا عليه بالأيات من سورة مريم أيضاً : فتعجب النجاشى و قال : الله
أكبر و أخذ عود صغير من الارض و قال : والله ما تعدى عيسى ما قلت هذا العرجون , و
لكن بدأت الفتنة بعدها فى أرض الحبشة لأن النصرانيين فى الحبشة لم يسرهم ما
حدث , حتى أسلم النجاشى سراً و حدثت حرب بين أنصار النجاشى و جيش أخر و
انتصر النجاشى و سار المسلمون فى أمان فى بلاد الحبشة ينشرون الدعوة هناك . و
ظل النجاشى مسلم فى الخفاء حتى مات و جاء جبريل للنبى و أبلغة بموت
النجاشى فصلى عليه النبى صلاه الغائب.
الرسول صلى الله عليه و سلم و الشعراء
من الثابت أن الشعراء فى الجاهلية لم يكونوا مفخرة لقبائلهم فحسب , بل لهم اليد
الطولى فى لعب أدوار رئيسية و هامة فى حلبة الحكم وصناعتة السياسية , خاصة
فى أيام الحروب نظراً لمقدرتهم البيانية فى التعبير و شحن النفوس و إلهاب المشاعر
, و فى عهد رسول الله إعترف الشعراء الكبار بالرسول و بإعجاز القرآن و فصاحته التى
فاقت جميع البلاغات و الفصاحات ووقف الشعراء أمام عظمة هذا القرآن الكريم وقوة
بيانه فى عجز منقطع النظير و لامجال للمقارنة فأدركوا أنه ليس من قول البشر فدخلوا
فى الإسلام و خاصة أثنان من كبار الشعراء فى وقتها وهم (( لبيد و الأعشى )) و كان
لبيد شاعر قبيلة كلاب , إحدى قبائل هوازن , أما الأعشى : فكان شاعراً طوافاً , مدح
فى رسول الله كثيراً , و لكن رسول الله لم يميل إلى شعره نظراً لأن الشعر كان سمة
مميزة من سمات الوثنية فى الجاهلية , فضلاً عن القرآن الكريم نبذ الشعر وبين أن
الشعراء لا يتبعهم إلا الغاوون فى قول الحق عز شأنه {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}
(224) سورة الشعراء , وحاش لله أن يكون رسول الله هكذا , و لا شك أن القرآن الكريم
هو أعظم كلام على وجه الأرض فهو كلام المولى سبحانه و تعالى و الذى قال عنه
الله سبحانه و تعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ
يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء , و قال عنه أيضاً سبحانه و
تعالى { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ
وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء , و قال تعالى فى أربع آيات
متشابهات فى سورة القمر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } (17) (22) (32)
(40) سورة القمر .
عام الحزن و ما تبعة من أحداث
فى عام سمى بعام الحزن , رحل فية عن الدنيا عم الرسول أبو طالب الذى كان حصنه
المنيع و ناصره الوحيد , و فى أخر أيام ابى طالب عم النبى كان سيدنا محمد يدعوه
دائماً للإسلام لله الواحد الأحد و كان الرسول يحب عمه حباً شديداً و كان دائماً ما
يقول له يا عماه, قول أشهد أن لا إله إلا الله أشفع بها لك عند ربى , و لكن أراد الله
تعالى أن ينهى حياه ابى طالب و هو على الكفر ففى أخر يوم و فى حالة مرضة
الشديد و قبل موتة بلحظات جاءة سيدنا محمد و كان ابو جهل قد ذهب هو الأخر لأبى
طالب , فقال له سيدنا محمد يا عماه : قل أشهد أن لا إله إلا الله أشفع لك بها عند
الله , فكاد أبى طالب يقولها و لكن رأس الكفر ابو جهل قال له : يا ابا طالب: أتُسلم و
تدخل فى دين محمد و يقول الناس أن كبير مكة و قائدها دخل فى دين محمد قبل
موتة ؟ فتردد ابى طالب و لكنة مات على كفره و حزن عليه الرسول حزناً شديداً لأنه
كان حصنه و كان يدافع عنه دائماً , ثم بعدها بقليل توفيت زوجته الوفيه السيدة خديجة
رضى الله عنها و كانت أقرب الناس إلية فكانت تواسيه فى حزنه و كان يحبها حباً
شديداً و أنزل الله جبريل عليه السلام قبل موت خديجة للرسول يقول له يا محمد : إن
الله يُقرأ خديجة السلام و يبشرها بقصر من قصب (( لؤلؤ )) فى الجنة ثم ماتت
السيدة خديجة , و لذلك سماه الرسول عام الحزن لأن عمه اعطاه الصمود و زوجته
خديجة اعطته الحب و روح الصعود و كانت أول من آمنت برسالته , و لعل الله تعالى
قدر ذلك ليقول لسيدنا محمد أن ما كان يحميك الأن قد مات و أن من كانت تعطيك
الحنان الأن قد ماتت و ها أنت الأن يا محمد بين حب الله تعالى و بين حمايته , أما عن
قريش فقد أنتهزت قريش عام الحزن و اشتد إيذاؤها للرسول و أصحابه رضى الله عنهم
, فخرج بعد ذلك إلى الطائف بقبيلة ثقيف و دعوتها إلى الهداية و لكن هذة القبيلة
جاملت قريش و أمرت سفهائها أن يؤذوا محمد فشكا إلى الله تعالى مستغيثاً بدعائه
المشهور (( اللهم إنى أشكو إليك ضعف قوتى و قلت حيلتى و هوانى على الناس ,
برحمتك أستغيث , انت رب المستضعفين و أنت ربى , إلى من تكلنى؟ إلى بعيد
يتجهمنى أم إلى عدو ملكتة أمرى ؟ أسألك بنور وجهك الكريم الذى أشرقت به
الظلمات وصلح به أمر الدنيا و ألآخرة من أن يحل بى غضبك أو أن ينزل على سخطك ,
لك العتبى حتى ترضى و لا حول ولا قوه إلا بك )) ثم عاد بعدها إلى مكة , و بعدها
أرسله ربه سبحانه و تعالى إلى رحله السعادة و المتعة(( رحلة الإسراء و المعراج )) .
قائمة بأسماء زوجات النبى صلى الله عليه و سلم
1- السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها
2- السيدة سودة بنت زمعة رضى الله عنها
3- السيدة عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها
4- السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنها
5- السيدة زينب بنت خزيمة رضى الله عنها
6- السيدة أم سلمة ( هند بنت أمية ) رضى الله عنها
7- السيدة زينب بنت عمته رضى الله عنها
8- السيدة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار رضى الله عنها
9- صفية بنت حُيى بن أخطب رضى الله عنها
10- أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان رضى الله عنها
11- مارية بنت شمعون القبطية رضى الله عنها
12- ميمونة بنت الحارث الهلالية رضى الله عنها
13- أسماء بنت النعمان رضى الله عنها
14- قتيلة بنت قيس رضى الله عنها
قائمة بأسماء أولاد النبى صلى الله عليه و سلم
- رزق الحبيب صلى الله عليه و سلم بثلاثة ابناء من الزكور و هم :
1- القاسم رضى الله عنه
2- عبد الله رضى الله عنه
3- إبراهيم رضى الله عنه
- كما رزق صلى الله عليه و سلم بأربع بنات و هن :
5- السيدة زينب رضى الله عنها و كانوا يسمونها زينب الكبرى لأنها اول مولود لرسول
الله و تمييزا لها عن زينب الحفيدة ابنة شقيقتها فاطمة الزهراء رضى الله عنها و بنت
الأمام على و كرم الله تعالى وجهه .
6- السيدة رقية رضى الله عنها
7- السيدة أم كلثوم رضى الله عنها
8- السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها
و قد ماتوا جميعاً فى حياة رسول الله عدا فاطمة الزهراء فهى التى ماتت بعد وفاته
بستة أشهر و جميع أبناء الرسول من خديجة بنت خويلد رضى الله عنها , عدا إبراهيم
ابنه من مارية القبطية فقط
حكمة وفاة أبناء الرسول صلى الله عليه و سلم الذكور
قد يسأل سائل لماذا لم يعش لرسول الله أولاداً ذكوراً بعد وفاته ؟
الجواب :
أن ابن النبى لابد و أن يكون نبياً و لو عاش ولد من أبناء الحبيب لكان نبياً بعده , و لو
كان نبياً بعده ما كان هو خاتم الأنبياء و المرسلين , إنها حكمه الرب سبحانه وتعالى
البالغة و قدرته و ثناءه المتناهيه , فى العظمة و سمو الرفعة فى التقدير و لذا قرر
القرآن العظيم هذة الحكمة وأجاب على المفسرين و ردع الشامتين بقول الحق
سبحانه و تعالى { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
(3)} سورة الكوثر , و المعنى : أى كيف تكون أبتر و قد رفع الله تعالى لك ذكرك ,
فسرنا نقول يا رسول الله فى الأذان و فى الإقامة و كل شىء , و كيف تكون أبتر و قد
أعطيناك الكوثر وهو نهر فى الجنة , أنت يا رسول الله خاتم الأنبياء و المرسلين و لو
عاش لك ولد يخلفك فى الدنيا لابد وأن يكون نبياً مثل أبيه و كيف يكون نبياً بعدك و
أنت خاتم الأنبياء ؟ و قد بين القرآن العظيم هذة الحكمة البالغة أنه لم يوجد ليكون أباً
لأحد من الرجال و إنما ليكون أخر المرسلين قال تعالى { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن
رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40) سورة
الأحزاب , إن الأبتر الحقيقى يا محمد هو الذى يضايقك بهذا القول لأنة لن ينفعة مالة
ولا ولدة و ليس لة بعد موتة إلا الخلود فى النار وإن الذى يضايقك بهذا القول هو الأبتر
حيث لا عمل صالح له و لاقيمة له ولا رجاء و مصيرة جهنم و بئس المهاد . و لموت
أبنائه حكمه أخرى و هى البلاء فكان رسول الله أشد بلاء من الخلق فمات أبوه قبل أن
يراه و ماتت أمة و هو صغير و مات عمه الذى كان يحميه ثم ماتت زوجته الحنونه و ها
هو الأن يموت له أولاده ومع كل هذا فهو الخلوق الصابر الذى قال عنه ربه { وَإِنَّكَ لَعَلى
خُلُقٍ عَظِيم ٍ} (4) سورة القلم و لتكن حكمه الله تعالى فى أن يبتلى حبيبه محمد
ليكون للناس عبره لأنه أحب إنسان إلى الله تعالى و مع ذلك إبتلاه بلاء عظيماً ليعلم
الناس أن كلما ذاد الإيمان و الحب لله تعالى ,كلما ذاد الإبتلاء و المرض والله أعلم
رحلة الرسول صلى الله عليه و سلم إلى السماء
بعد وفاه عم الرسول و زوجته خديجة بنت خويلد , أصبح الرسول حزيناً بالإضافة إلى
عدم توفيقه فى هداية قبيله ثقيف بالطائف و عودته إلى مكة , تجلت قدره الله تعالى
فى إرادته أن يعوض الرسول و أن يزيل آلامه و أحزانه بهذة الرحلة الخالدة التى رأى
فيها رسول الله من الآيات و العجائب ما لم تراة عين و لم يخطر على قلب بشر ,
فأسرى به سبحانه فى ليله السابع و العشرين من شهر رجب جسداً و روحاً من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس و صلى بالأنبياء جميعاً ثم صُعد
به إلى السماء العليا حتى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى , و قد رأى نتيجة
الأعمال الخيرية فى الجنة و نتيجة الأعمال السيئة فى النار , و فى هذة الليلة فُرضت
الصلوات الخمس على المسلمين و رأى الرسول فى هذة الرحلة الرائعة الجنة و النار و
الملائكة ساجدين عابدين لله تعالى عز و جل و رأى الرسول الأنبياء جميعهم و رأى
جبريل فى صورة ملك مرة اخرى عند سدرة المنتهى ووصل إلى مرحله لم يصل لها
إنسان من قبل ثم توقف جبريل عند مكانه هذا وقال : تقدم يا محمد فإنى لو تقدمت
لأحترقت و رأى محمد نور الله الكريم , يقول رسول الله و هو يوصف سدرة المنتهى
عندما تجلاها نور الله الكريم : سارت السدرة من الحُسن و من الجمال ما لا يستطيع
بشر أن يصفة و فى هذا المكان تحدث محمد مع ربه عز و جل بدون حجاب ولا ترجمان
, و لما عاد الرسول إلى الأرض أخبر قومه بما حدث له فى هذة الليلة , فأستهزءت به
قريش و قالت إنة لمجنون أو ساحر , و أتهموه بالسحر و الكهانه وقالوا له إذا كنت
ذهبت بالفعل إلى المسجد الأقصى فى ليلة فأوصفة لنا , فوضع الله تعالى المسجد
الأقصى أما عين النبى وحده يرى و يشرح للكفار كل شىء موجود به , ثم أنه أكد لهم
انه ذهب إلى المسجد الأقصى بوصفه لهم قافلة تجارية عائدة من الشام و قال لهم
انها سوف تعود بعد ثلاث ايام و عادت القافلة فعلاً , ثم ذهب الكفار إلى أبى بكر
الصديق و أخبروه بما حدث و قالوا له : أرءيت يا أبا بكر ما يقول صاحبك , فهل تصدقه
بعد اليوم ؟ فقال ابى بكر قولته المشهوره : لقد صدقت رسول الله فى أكبر من ذلك ,
لقد صدقته فى نزول الوحى إليه من السماء , أفلا اصدقه فى ذلك , و من هنا سُمى
أبى بكر بالصديق , ثم بعد ذلك علم الناس و صدقوا أنه بالفعل أُسرى بالرسول من
المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و أُعرج به إلى السماء .
بيعة العقبة الأولى
بعد الرحلة الرائعة التى شهدها رسولنا الكريم محمد و بعد تكذيب الكفار له و تصديق
أصحابه رضى الله عنهم لرحلته المباركه , إستمر الرسول ينتهز فرصة مواسم الحج
فيدعو الناس للإيمان بالله و ترك عبادة الأوثان و فى العام الحادى عشر من البعثة
النبوية جاءت وفود من قبيلتى الأوس والخزرج و هى من اكبر القبائل فى المدينة ,
فجاءوا من المدينة إلى مكة , فأستمعوا لدعوة الرسول فآمنوا به و صدقوه و فى العام
الثانى عشر عادت هذة الجماعات الصغيرة و أخبروا قومهم بما سمعوا و رأوا , و بايعوا
الرسول البيعة الأولى , و سُميت ببيعة العقبة الأولى , و طلبوا منه أن يرسل معهم
تلميذه مصعب بن عمير ليعلمهم القرأن الكريم . و اجتهد مصعب بن عمير إجتهاد
عجيب جدا لنشر الدعوة الإسلامية و سمى بأول سفير فى الإسلام و بدأ الإسلام
ينتشر فى المدينة فأسلم ابناء عمرو بن الجموح و أسلم بعدها عمرو بن الجموح ثم
أسلم الطفيل بن عمرو و هو سيد قبيلة دوس و ذهب الطفيل يدعو فى قومة حتى
أسلمت قبيلة دوس جميعاً و آتى بهم يبايعون الرسول و أنتشر الإسلام إنتشار هائل
فى هذا العام.
بيعة العقبة الثانية
فى العام الثالث عشر من الدعوة الإسلامية أتى من المدينة ثلاثة و سبعون رجلاً و
إمرأتان من قبيلتى الأوس و الخزرج فجلسوا مع الرسول و أتفقوا مع الرسول على
تأييده فى دعوته النبيلة ثم إنهم بايعوا الرسول على أن يحموه كأبنائهم و إخوانهم و
لهم الجنة , و دعوا الرسول لزيارة مدينتهم فقبل الرسول دعوتهم لأسباب عديدة منها
: أن الرسول كان يريد بلداً آمناً لينشر رسالة ربه عز و جل , أما أهل يثرب فقد وجدوا
فى هذة البيعة حلفاً سياسياً يقوى شأنهم ضد اليهود وإجلائهم عن أراضيهم و يخفف
العداوة بين أهل يثرب من الأوس و الخزرج , بجانب هذا فى المدينة بيت أخوال رسول
الله و قبر أبيه عبد الله و فى منتصف الطريق يوجد قبر أمه رحمها الله ورضى عنها إن
شاء الله .
مؤامرة على قتل النبى صلى الله عليه و سلم
فى عام ( 622 م ) علمت قريش بتأييد أهل المدينة لرسول الله , فسرعان ما اتفقوا
مع القبائل الأخرى بأن ترسل كل قبيلة أحد فتيانها الأقوياء الأشداء لقتل الرسول
لتتحمل كل القبائل دمه و بذلك يتفرق دم سيدنا محمد على القبائل فلا تستطيع بنى
هاشم على قتال هذة القبائل , و لما علم رسول الله بذلك الأمر أمر المسلمين ببيع
ممتلكاتهم و ترك مكة فى أقرب وقت إلى المدينة و طلب من صديقة أبى بكر الصديق
شراء جملين للرحلة , و أتى أمر الله بالرحيل ليلاً فأمر ابن عمه ( على بن ابى طالب )
أن ينام فى فراشه و أعطاه عباءته و ترك المنزل , و فى ذلك الوقت كانت فتيان قريش
تنتظر خروج محمد بالخارج لقتله بضربة سيف واحد , و لكن قدره الله تعالى كانت فوق
كل شىء , فخرج الرسول أمام هؤلاء الفتية و أخذ حفنة من التراب و ألقاها على
وجوههم فأعماهم الله تعالى , قال تعالى {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ
سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } (9) سورة يــس , و أخذ الرسول أبى بكر الصديق
معه للهجرة , و تبعهما عبد الله بن ابى بكر الصديق و أختة أسماء رضى الله عنها مع
راعى الغنم لإحضار الطعام و التموية على الكفار , و ذهلت قريش لفقدها الرسول فى
مرقده و أخذت تقتفى أثره ثم وصلت إلى غار ثور الذى به الرسول و صاحبه , و لكنهم
وجدوا يمامة راقدة على بيضها و عنكبوتاً بنسيجة على الباب و الله اعلم , وفشلوا مره
أخرى فى قتل الرسول و صاحبه , أمضى الرسول ثلاث ليالى فى الغار ثم وصل إلى
المدينة بعد مسيرة ثمانية أيام ثم لحق به على بن ابى طالب بعد أن أدى عن
الرسول ما كان للناس عنده من أمانات وودائع , و منذ قدوم الرسول إلى المدينة سنة
( 622 م) جعل عمر بن الخطاب هذا اليوم بداية للتاريج الهجرى (1هجرياً ) .
حكومة الرسول صلى الله عليه و سلم فى المدينة (622م - 1هجرياً )
أصبح الرسول قائداً عسكرياً لعدد كبير من المسلمين فى المدينة , فشرع فى
تنظيمها فكان أول أعماله فيها هو بناء مسجده , الذى أصبح ملتقى المسلمين
يتدارسون فيه أمور دينهم و دنياهم , ثم آخى النبى بين المهاجرين و الأنصار لتقوية
روابط الوحدة فى المجتمع الإسلامى الجديد ثم إتخذ الحيطة و الحذر من اليهود حتى
يعيش المسلمون فى أمان , و فى هذا الوقت تزوج الرسول من السيدة عائشة بنت
أبى بكر الصديق و لم تبلغ العاشرة إكراماً لأبى بكر صديقه الحميم , و من هنا كانت
المدينة تعيش فى سلام و حب لرسول الله و كانت علاقة الأنصار بالمهاجرين أكثر من
علاقة الأخ مع أخية فكانوا يقسمون الطعام و الشراب و الملبس و كان المهاجرين
يتزوجون بنساء من الأنصار و كل ذلك حباً فى رسول الله و طمعاً فى جنة عرضها
السماوات و الأرض , أما الكفار فكانوا فى غيظ شديد لأن ذلك كان أول انتصار كبير
لرسول الله عليهم , فقد نصره الله على أعدائه فى مكة و حماه و هو فى الغار , قال
تعالى {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ
يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ
كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْالسُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40) سورة التوبة
, و ها هو الأن ينصره ربه تعالى و يثبت فؤاده و يعطيه أكثر و أكثر , اللهم صلى عليك يا
رسول الله .
غزوة بدر الكبرى ( 623 - 2 هجرياً )
بعد أن استقر الرسول فى المدينة , و فى خلال شهر رمضان من السنة الثانية فى
الهجرة , ارسل جماعة من المسلمين لإعتراض قافلة تجارية قادمة من الشام لقريش
بقيادة أبى سفيان , ثم خرج ومعه ثلثمائة رجل من المؤمنين على أبى سفيان و
قافلتة , فأرسل ابى سفيان إلى قريش بأن محمد يقطع الطريق لأخذ أموال و غنائم
قريش , فخرجت قريش فى ألف مقاتل من رجالها , ثم ألتقى الجيشان و أيده الله
بجنود لم يرونها , قال تعالى {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ
اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (17) سورة الأنفال ,
أنزل الله تعالى ملائكة من السماء تحارب مع نبيه فقاتلوا المشركين , يحكى الصحابه
رضى الله عنهم أنهم فى هذة المعركة كلما ذهبوا لقتال أحد من الكفاروجدوا رأسة
تنفصل عن جسدة دون أن يمسهم أحد فأبلغهم الرسول أن الله أرسل الملائكة تحارب
مع المسلمين , و أنتصر المسلمون بقيادة سيد المرسلين و إمام الموحدين محمد و
أسروا الكثير من رجال الكفار و بهذة المعركة
تم التالى :
1- أسر عدد كبير من المشركين
2- نصر الله المسلمين ببدر و كانت أول حرب يقاتل فيها الملائكة مع المسلمين
3- أصبح للمسلمين مكانه عليا بين القبائل العربية ,
4_ اصبح تمسك المسلمين بدينهم قوياً و الإستشهاد فى سبيل الله واجباً,
5_ بدا انتشار الإسلام بصورة قويه جدا
غزوة أحد ( 624 - 3 هجرياً )
بعد الهزيمة الثقيلة التى لاقتها قريش فى غزوة بدر , بدأت للإستعداد للدخول فى
حرب أخرى للأخذ بالثأر من المسلمين , و خرجت بثلاثة الف مقاتل بقيادة أبى سفيان
و كان من ضمن المشركين سيدنا خالد بن الوليد قبل أن يُسلم , و لما علم رسول الله
بذلك خرج مع ألف من المسلمين حيث عسكر على سفح جبل أحد المواجة للمدينة و
جعل الرماة فوق الجبل و أوصاهم بعدم ترك مواقعهم مهما كانت النتيجة , و إلتحم
الجيشان وكان النصر للمسلمين فى أول المعركة , و لكن الرماة عندما رأوا النصر نزلوا
من مواقعهم من الجبل لأخذ نصيبهم من الغنائم و ظنوا أن المعركة إنتهت فى ذلك
الوقت , فخالفوا أمر رسول الله و نزلوا , فأنتهز المشركين الفرصة و هاجموا المسلمين
من الخلف فأختل نظام المسلمين وانتصرت قريش فى هذة المعركة على أمل العودة
مرة أخرى للقضاء على المسلمين كلياً فى المدينة و أستُشهد فى هذة الغزوة عدد
كبير من المسلمين من بينهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله .
غزوة الأحزاب ( الخندق ) ( 626 م - 5 هجرياً )
بدأت قريش بعد إنتصارها الأخير فى غزوة أحد فى تجهيز جيش كبير لملاقاة
المسلمين مرة أخرى و ذلك , لإعتقادهم أنهم قادرون على هزيمة المسلمين و إنهاء
دين محمد , فأخذت قريش تعد الجيوش و تعقد المعاهدات مع القبائل الأخرى للقضاء
على المسلمين نهائياً , و لما علم رسول الله بذلك , أمر بحفر خندق كبير شمال
المدينة , لأن باقى جهاتها محصنة بالنخيل و المنازل , أما من ناحية اليهود فنقضوا
الإتفاق مع رسول الله فطردهم من المدينة و لجئوا إلى خيبر و أخذوا يحرضون الكفار
ضد الرسول من جديد , تم حفر الخندق وأتصلت قريش بحلفائها من اليهود فى عشرة
ألاف مقاتل حاصروا المدينة قرابة شهر كامل مقابل ثلاثة ألاف رجل فقط من المسلمين
,ولكن الله تعالى أرسل ريحاً عاصفة إقتلعت خيام المشركين و هدمت حصونهم و
أجبرتهم على رفع الحصار و العودة إلى مكة خاسرين و بذلك أنتصر المسلمون برعاية
ربهم عز و جل و قدرته و شجاعة رسوله الحربيه , و صبر المسلمون مدة على الحصار
و كان رسول الله يفاوض قبيلة غطفان , ليصرفهم عن قريش و بعد الإنتصار أوقف
المفاوضات .
الرسول صلى الله عليه و سلم واليهود
من هم اليهود وقتها ؟ اليهود فى عهد رسول الله هم أهل الكتاب و هم الذين آتاهم
الله التوراة و ميزهم على كثير من العباد و لم يؤمنوا بالله الواحد الأحد و كانوا اليهود
فى عهد رسول الله أكثر عداوة له من المشركين , مع أنهم كانوا أكثر من يعرف
الرسول و يعرف أنه خاتم الأنبياء و كانوا يعلمون جيداً وصف الرسول و نسبه و كل
شىء عنه , كل ذلك مذكور عندهم فى التوراة , حتى أنه فى يوم من الأيام ذهب أحد
أحبار اليهود و هو ( حُيى بن أخطب ) إلى رسول الله للتأكد من أنه خاتم الأنبياء , فأخذ
يسأل الرسول عدة أسئلة فأجابة الرسول على جميعها ثم أنه رأى خاتم النبوة فعرف
أن النبى محمد هو خاتم الأنبياء , فهرع إلى بيتة مزعوراً فسألة إبنة , قال يا أبى : أهو
هو؟؟؟ ( يقصد أهو خاتم الأنبياء ؟ ) فرد عليه حيى بن أخطب و قال : نعم هو , فقال له
إبنة : و ماذا تفعل معه ؟ قال لة حيى بن أخطب : عداوتة ما حييت , و هكذا كانت
عداوة اليهود للرسول مع أنهم أكثر الناس معرفة بالرسول , قال تعالى { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
(146) سورة البقرة , و للعلم ( تزوج الرسول من السيدة صفية بنت حيى بن أخطب
رضى الله عنها بعد إسلامها ) , أما بعد : عند هجرة الرسول إلى المدينة , عقد
محالفة سلام و تعاون مع اليهود و كان من أهم شروطها السلام مع المسلمين , كما
فتح الطريق لمن يرغب منهم فى اعتناق الإسلام و هناك ثلاث قبائل من اليهود
يسكنون أخصب بقاع المدينة وهم بنو قينقاع , و بنو قريظة و بنو النضير و من أعمالهم
السيئة أنهم كانوا يصرحون بالشك فى الدعوة الإسلامية , لأن محمداً من سلالة
عربية و النبوة لا تظهر إلا فيهم و أن الأديان السماوية نزلت إلى بلاد الشام و ليس فى
بلاد العرب , مع أنهم أعرف الناس بمحمد و أعلم الناس بأنه أخر الأنبياء .
بنو النضير
ساءت العلاقات بينهم و بين المسلمين عقب غزوة أحد , كان الرسول قد أوفد أربعين
رجلاً من الأنصار ( القراء ) لنشر الإسلام فى هضبة نجد , فقتلوهم جميعاً ماعدا واحداً
قتل رجلين من بنى عامر إنتقاماً لزملائة . فغضب النبى و ذهب إلى بنى النضير
ليتفاوض معهم فى دفع الجزية و لأنهم حلفاء بنى عامر, و أثناء المفاوضات همٌ رجلان
من بنى النضير بإلقاء حجر ضخم فوق رسول الله من أعلى , فأخبر الله رسوله بمغادرة
المكان فوراً و تبعه أصحابه و بذلك نجا الرسول , ثم بعث الرسول إلى محمد بن
مسلمة لإجلاء اليهود عن المدينة وبدءوا يجهزون أمتعتهم و لكن أحد المنافقين ( عبد
الله بن أبى ) منعهم من الرحيل فقاتلهم الرسول عشرين ليلة و أحرق نخيلهم , حتى
أثنى عزيمتهم عن القتال و أخيراً أجبرهم على الرحيل من المدينة .
بنو قريظة
عندما وقعت معركة الخندق , رأى رسول الله أن بنى قريظة نقضوا العهد , فعزم على
طردهم و حاصرهم قرابة خمسة و عشرين يوماً ثم طلب الرسول إلى سعد بن معاز أن
يحكم بينه و بينهم , فأمر بقتل رجالهم و عددهم سبعمائة و سبى نسائهم و أطفالهم
و قسمت ممتلكاتهم على المسلمين.
حادثة الإفك
اثناء عودة الرسول إلى المدينة من غزوة غزاها , تخلفت السيدة عائشة رضى الله
عنها لمدة قليلة تبحث عن عقدها , و لما عادت القافلة رحلت السيدة عائشة رضى
الله عنها دون أن يشعر الركب بتخلفها , و ظلت وحيدة حتى وجدها صفوان بن المعطل
و أوصلها إلى منزلها , إلا أن حاسدات عائشة رضى الله عنها و أعداء النبى اختلقوا
الإشاعات غير البريئة عن السيدة عائشة رضى الله عنها و أتهموها رضى الله عنها
بالزنى , فتأذى النبى و هجرها و كان دائماً يسأل الأقرباء له و للسيدة عائشة عن ما
حدث فيقولوا أنهم ما سمعوا عن عائشة رضى الله عنها إلا خيراً وإنها من المستحيل
ان تفعل ذلك ابداً , و لكن الشك بدأ يزيد عند النبى و أخذ دائماً يسأل الله تعالى أن
يبرأ السيدة عائشة , فذهب إلى السيدة عائشة فى بيت أبيها أبى بكر الصديق و قال
لها : يا عائشة : إن كنتى قد اصبتى ما يقولون فتوبى إلى الله و استغفريه , فنظرت
السيدة عائشة لأبيها ابى بكر و امها و قالت لهم : آلا تجيبان ؟ فقال لها ابى بكر :
والله ما ندرى ما نقول , فقالت لهم السيدة عائشة : والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت
ابداً , والله يعلم أنى بريئة , ووالله ما اقول اكثر مما قال أبو يوسف { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ
الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } , و هنا نزل الوحى على النبى و أخبره ببراءة السيدة
عائشة من هذة الحادثة الشنيعة و أنزل الله فى هذا الموقف قرآناً , قال تعالى {إِنَّ
الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَخَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا
اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (11) سورة النــور , و هنا
تبشر الرسول و أبتسم و أخبر عائشة رضى الله عنها فقالت لها أمها : آلا تشكرى
رسول الله ؟ فقالت لها السيدة عائشة رضى الله عنها : بل أشكر الله الذى برءنى و
أنزل فى قرآنا يبرءنى من هذا الذنب العظيم.
صـلح الحديبية
لما وصل لقريش أخبار بيعة الرضوان خافت قريش خوفاً شديداً فقالوا نريد الصلح , و
أرسلوا سهيل بن عمرو , فلما رءاة النبى قال : ( سهيل ) سهل الله لكم , قد أرادت
قريش الصلح , فتقدم سهيل بن عمرو إلى النبى و بدأ الحوار و تم الإتفاق بين سهيل
بن عمرو و النبى على الصلح و نادى النبى على سيدنا علي بن ابى طالب لكتابة
الصلح فقال له النبى : اكتب يا علي : بسم الله الرحمن الرحيم , فقال له سهيل بن
عمرو: والله ما ندرى ما الرحمن : أكتب ما كنت تكتبه من قبل , اكتب بسمك اللهم ,
فقال له النبى امحوها يا على و أكتب بسمك الله , فرفض سيدنا على ان يمسحها ,
فمحوها رسول الله , ثم أكمل قائلاً : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن
محمد بن عبد الله , فقال النبى امحوها يا علي : فرفض سيدنا علي ان يمحوها ,
فمحاها النبى و كتب محمد بن عبد الله , فغضب الصحابه غضب شديد جداً , و لكن
النبى كان يريد الصلح لأنه كان يعلم أن الإسلام إذا أنتشر فى هدوء و سلام على
القبائل فسوف يدخل الكثير منهم فى الإسلام , وكان صلح الحديبية ينص على: 1- ان
يرجع المسلمون و لا يدخلوا لأداء العمرة فى هذا العام و يعودوا فى العام التالى و أن
يدخلوا بدون سلاح . 2- إنتهاء حالة الحرب بين المسلمين و قريش لمدة عشر سنوات
. 3- أن يلتزم محمد برد كل من يهاجر و يسلم من مكة بعد الصلح. 4- اما من يرتد عن
الإسلام فلا يرجع للمسلمين . 5- القبائل التى تريد أن تدخل فى دين محمد فلهم
ذلك و القبائل التى تريد ان تدخل فى دين قريش لهم ذلك . و كان ذلك هو ملخص
صلح الحديبية . و بدأ الرسول ينشر الإسلام بين القبائل فى ظل الهدوء والإستقرار و
بالفعل دخل عدد كبير جداً من المشركين فى الإسلام .
حملة خيبر
نبدأ أولاً بوصف مدينة خيبر : مدينة خيبر هى مدينة مليئة بالحصون و بها ماء من تحت
الأرض و طعام يكفيها سنوات و بها عشرة آلاف مقاتل من اليهود منهم آلاف يجيدون
الرمى, و كانت خيبر ممتلئة بالمال و كان اليهود يعملون بالربا مع جميع البلدان , ثانياً
وقت الغزوة: كانت الغزوة بعد عشرون يوماً من صلح الحديبية , و كان عدد المقاتلين
المسلمين وقتها ألف و ثمان مائة مقاتل فقط لأن الرسول قرر أن يقاتل معه فى هذة
المعركة كل من كان فى صلح الحديبية فقط وهم الذين سوف يُقسم عليهم الغنائم
أما من زاد عليهم فله ثواب الجهاد فقط و ليس له غنائم , فخرج معه ألف و ربعمائة
مقاتل و هم من صلح الحديبية و زادوا بأربع مائة فقط , بداية الغزوة : عرف النبى أن
خيبر هى مركز التآمر الصهيونى و مركز ضرب الإسلام بالإضافة أنه لم يأمن شر اليهود
بعد خروجهم من المدينة , فخرج النبى بعد العودة من صلح الحديبية على رأس ألف و
ثمان مائة مقاتل لا يمتلكون من الطعام إلا القليل و أمر النبى أحد الصحابة ( بن الأكوع
) بإنشاد أنشودة إسلامية رقيقة للمقاتلين لتحميسهم على القتال , و فى الطريق
علم اليهود أن المسلمين خرجوا لقتالهم فأرسلوا للجيش رسالة للإستعداد لقتال
المسلمين , حتى وصل النبى إلى خيبر ووقف أمام حصن الناعم و إذا بسهام و
كثيرة تُلقى على أصحاب رسول الله حتى أُصيب خمسين منهم رضى الله عنهم و قُتل
منهم واحداً و هو ( محمود بن مسلمة ) حتى جاء إلى الرسول فى هذا الوقت
صحابى من الصحابة و هو ( حباب بن المنذر ) و قال يا رسول الله : إنك نزلت منزلك
هذا , اهو يا رسول الله منزل أنزلكه الله فلا نتكلم ؟ أم هو الحرب و الرأى و المكيدة ؟
فقال الرسول : بل هو الحرب و الرأى والمكيدة , فقال له حباب : أراك قد نزلت قرب
حصونهم يضربونا بسهامهم و هم أهل رمى و لكن أرى يا رسول الله أن نبعد عن
حصونهم و سهامهم , فقال الرسول : أشرت بالرأى و لكن إذا أمسينا ذهبنا , فنادى
الرسول على أحد الصحابة و هو ( محمد بن مسلمة ) و قال : إذهب فأتى بمكان أخر ,
بعدها حاصر النبى حصن الناعم و كان أشد حصن لليهود , و بعده