the queen
المدير العام
عدد المساهمات : 784 تاريخ التسجيل : 07/11/2009 الموقع : nogoom3.ahlamotada.com
| موضوع: البنفسجه الطموح الخميس 10 ديسمبر 2009 - 19:59 | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
البنفسجه الطموح
كان في حديقة منفردة جميلةالثنايا ، طيبة العرف ، تعيش قانعة بين أترابها وتتمايل فرحة بين قامات الأعشاب . ففي صباح , وقد تكلّلت بقطر الندى ، رفعت رأسها ونظرت حواليها فرأت وردةتتطاول نحو العلاء بقامة هيفاء ورأس يتسامى متشامخاً كأنه شعلة من النار فوق مسرجةمن الزمرّد.
ففتحت البنفسجة ثغرها الأزرق وقالت متنهدة: ما أقلّ حظي بينالرياحين ، وما أوضع مقامي بين الأزهار ! فقد ابتدعتني الطبيعة صغيرة ، حقيرة ،أعيش ملتصقة بأديم الأرض ولا أستطيع أن أرفع قامتي نحو ازرقاق السماء أو أحوّل وجهينحو الشمس مثلما تفعل الورود.
وسمعت الوردة ما قالته جارتها البنفسجةفاهتزّت ضاحكة ثمّ قالت : ما أغباك بين الأزهار ! فأنت في نعمة تجهلين قيمتها. فقدوهبتك الطبيعة من الطيب والظرف والجمال ما لم تهبه لكثير من الرياحين . فخلّي عنكهذه الميول العوجاء والأماني الشريرة وكوني قنوعاً بما قسم لك واعلمي أن من خفضجناحه رفع قدره ، وأنّ من طلب المزيد وقع في النقصان.
فأجابت البنفسجة قائلة : أنت تعزينني أيتها الوردة لأنك حاصلة على ما أتمناه ، وتغمرين حقارتي بالحكم ،لأنك عظيمة . وما أمرّ مواعظ السعداء في قلوب التاعسين وما أقسى القوي إذا وقفخطيباً بين الضعفاء!
وسمعت الطبيعة ما دار بين الوردة و البنفسجة فاهتزتمستغربة ثمّ رفعت صوتها قائلة: ماذا جرى لك يا ابنتي البنفسجة ؟ فقد عرفتك لطيفةبتواضعك عذبة بصغرك شريفة بمسكنتك ، فهل استهوتك المطامع القبيحة أم سلبت عقلكالعظمة الفارغة ؟فأجابت البنفسجة بصوت ملؤه التوسل والاستعطاف : أيتهاالأم العظيمة بجبروتها ، الهائلة بحنانها، أضرع إليك بكل ما في قلبي من التوّسل،وما في روحي من الرجاء ، أن تجيبي طلبي وتجعليني وردة ولو يوماًواحداً.
فقالت الطبيعة : أنت لا تدرين ما تطلبين ولا تعلمين ما وراء العظمةالظاهرة في البلايا الخفية ، فإذا رفعت قامتك وبدلت صورتك وجعلتك وردة تندمين حيثلا ينفع الندم .
فقالت البنفسجة : حوّلي كياني البنفسجي إلى وردة مديدةالقامة مرفوعة الرأس... ومهما يحل بي بعد ذلك يكون صنع رغائبي ومطامعي .
فقالت الطبيعة لقد أجبت طلبك أيتها البنفسجة الجاهلة المتمردة ، ولكن إذادهمتك المصائب والمصاعب لتكن شكواك من نفسك. ومدّت الطبيعة أصابعها الخفيةالسحرية ولمست عروق البنفسجة فحوّلتها بلحظة إلى وردة زاهية متعالية فوق الأزهاروالرياحين.
ولما جاء عصر ذلك النهار تلبّد الفضاء بغيوم سوداء مبطنةبالإعصار ثمّ هاجت سواكن الوجود فأبرقت ورعدت وأخذت تحارب تلك الحدائق والبساتينبجيش عرمرم من الأمطار والأهوية . فكسرت الأغصان ولوت الأنصاب واقتلعت الأزهارالمتشامخة ولم تبق إلاّ على الرياحين الصغيرة التي تلتصق بالأرض أو تختبئ بينالصخور.
أمّا تلك الحديقة المنفردة فقد قاست من هياج العناصر ما لم تقاسهحديقة أخرى . فلم تمر العاصفة وتنقشع الغيوم حتى أصبحت أزهارها هباء منثوراً ولميسلم منها بعد تلك المعمعة الهوجاء سوى طائفة البنفسج المختبئة بجدار الحديقة .
ورفعت إحدى صبايا البنفسج رأسها فرأت ما حلّ بأزهار الحديقة وأشجارهافابتسمت فرحاً ثمّ نادت رفيقاتها قائلة : ألا فانظرن ما فعلته العاصفة بالرياحينالمتشامخة تيهاً وعجباً . وقالت بنفسجة أخرى نحن نلتصق بالتراب ، ولكننّا نسلممن غضب العواصف والأنواء . وقالت بنفسجة ثالثة : نحن حقيرات الأجسام غير أنالزوابع لا تستطيع التغّلب علينا.
ونظرت إذ ذاك مليكة طائفة البنفسج فرأتعلى مقربة منها الوردة التي كانت بالأمس بنفسجة وقد اقتلعتها العاصفة وبعثرتأوراقها الرياح وألقتها على الأعشاب المبللة فبانت كقتيل أرداه العدوبسهم.
فرفعت مليكة طائفة البنفسج قامتها ومدّت أوراقها ونادت رفيقاتها قائلة : تأمّلن وانظرن يا بناتي . انظرن إلى البنفسجة التي غرّتها المطامع فتحوّلت إلىوردة لتشامخ ساعة ثمّ هبطت إلى الحضيض. ليكن هذا المشهد أمثولة لكنّ.
عندئذارتعشت الوردة المحتضرة واستجمعت قواها الخائرة وبصوت متقطع قالت:
ألافاسمعن أيتها الجاهلات القانعات ، الخائفات من العواصف والأعاصير . لقد كنت بالأمسمثلكن أجلس بين أوراقي الخضراء مكتفية بما قسم لي ، وقد كان الاكتفاء حاجزاً منيعاًيفصلني عن زوابع الحياة وأهويتها ويجعل كياني محدوداً بما فيه من السلامة ،متناهياً بما يساوره من الراحة والطمأنينة. ولقد كان بإمكاني أن أعيش نظيركن ملتصقةبالتراب حتى يغمرني الشتاء بثلوجه وأذهب كمن يذهب قبلي إلى سكينة الموت والعدم قبلأن أعرف من أسرار الوجود ومخبآته غير ما عرفته طائفة البنفسج منذ وجد البنفسج علىسطح الأرض لقد كان بإمكاني الانصراف عن المطامع والزهد في الأمور التي تعلوبطبيعتها عن طبيعتي . ولكني أصغيت إلى سكينة الليل فسمعت العالم الأعلى يقول لهذاالعالم : (( إنّما القصد من الوجود الطموح إلى ما وراء الوجود)) .
فتمرّدت نفسي على نفسي وهام وجداني بمقام يعلو عن وجداني ، وما زلت أتمرّدعلى ذاتي وأتشوّق إلى ما ليس لي حتى انقلب تمرّدي إلى قوّة فعّالة واستحال شوقي إلىإرادة مبدعة فطلبت إلى الطبيعة – وما الطبيعة سوى مظاهر خارجية لأحلامنا الخفية– أنتحولني إلى وردة ففعلت ، وطالما غيرت الطبيعة صورها ورسومها بأصابع الميل والتشويق .
وسكتت الوردة هنيهة ثمّ زادت بلهجة مفعمة بالفخر والتفوّق: لقد عشتساعة كملكة . لقد نظرت إلى الكون من وراء عيون الورود، وسمعت همس الأثير بآذانالورود ، ولمست ثنايا النور بأوراق الورود . فهل بينكن من تستطيع أن تدّعيشرفي؟ثمّ لوت عنقها، وبصوت يكاد يكون لهاثاُ قالت: أنا أموت الآن . أموتوفي نفسي ما لم تكنه نفس بنفسجة من قبلي . أموت وأنا عالمة بما وراء المحيط المحدودالذي ولدت فيه ، وهذا هو القصد من الحياة . هذا هو الجوهر الكائن وراء عرضياتالأيام والليالي.
وأطبقت الوردة أوراقها وارتعشت قليلاً ثمّ ماتت وعلى وجههاابتسامة علويّة – ابتسامة من حققت الحياة أمانيه – ابتسامة النصر والتغلّب –. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|
the king المراقب العام
عدد المساهمات : 339 تاريخ التسجيل : 07/11/2009
| موضوع: رد: البنفسجه الطموح الخميس 10 ديسمبر 2009 - 21:40 | |
| | |
|
essam مشرف
عدد المساهمات : 413 تاريخ التسجيل : 07/11/2009
| موضوع: رد: البنفسجه الطموح الخميس 10 ديسمبر 2009 - 22:55 | |
| | |
|
farah عضو مثالى
عدد المساهمات : 687 تاريخ التسجيل : 21/11/2009
| موضوع: رد: البنفسجه الطموح الجمعة 11 ديسمبر 2009 - 5:58 | |
| | |
|
rola عضوفعال
عدد المساهمات : 186 تاريخ التسجيل : 02/12/2009
| موضوع: رد: البنفسجه الطموح الأحد 13 ديسمبر 2009 - 13:36 | |
| | |
|
the queen
المدير العام
عدد المساهمات : 784 تاريخ التسجيل : 07/11/2009 الموقع : nogoom3.ahlamotada.com
| موضوع: رد: البنفسجه الطموح السبت 11 ديسمبر 2010 - 9:39 | |
| | |
|
salwa عضو حبوب
عدد المساهمات : 285 تاريخ التسجيل : 25/11/2010
| موضوع: رد: البنفسجه الطموح الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 15:08 | |
| | |
|