هل ْ أعـطينا القراءة َ حـقّـها فعلا ً ؟!
وهل ْ منحـناها ما يكـفي من وقـتِنا وجهـدنا ؟!
هل ْ تنال ُ الكتُـب ٌ القابعة ُ في مكتباتنا حقها من َ القراءة ؟! أم ْ أنها لا تتجاوز ُ كونَها
كتبا ً مُتكدّسة ً في مكتبة ٍ مهجورة ؟!
هل ْ لمَسْـنا يـوما ً تلك َ الـروعة َ التي يُخـبّـئها الكتاب ُ بين َ صفحاته ؟! أم ْ أننا لا نجـد ُ
وقـتا ً لمُـطالعة ِ الكتاب ِ وإدراك ِ روعـتِه ؟!
لطالما تبادرت ْ إلى أذهانِنا تلكم ُ الأسئلة .. ولطالما تجاهلنا إلحاحَها !!
فهل ْ سـنتناساها اليوم َ أيضا ً ؟!
أم ْ أننا سنغـذ ّ السير َ قُـدُما ً بحثا ً عن ْ إجابات ٍ جـادّة ٍ وقرارات ٍ فاعـلة ؟!
ليتَنا نفعـل ْ .. فنحن ُ ما تعلمْـنا القراءة َ لنهجُـرَها ..
إنما لنُحـييها ونُنمّـيها
ليتَنا ندرك ٌ أن ّ القراءة َ كنز ٌ ثمين ٌ تزداد ُ قيمتُه ُ كلما قرأنا كتابا ً .. وسلاح ُ قاطع ٌ تزداد ُ
حِـدّتُه ُ كلما طالعنا صفحة ً في كتاب
فبالقراءة ِ تُـقاس ُ ثقافة ُ الشعـوب .. وعلى أساسِها تُبنى حـضارة ُ الأمَـم
بها نُواكب ُ واقـعَـنا .. وبها نصنع ُ مُستقـبلَنا
هي َ غـذاء ٌ لعـقولنا .. ونماء ٌ لأذهاننا
والعـقل ُ إنما يلتمس ُ الغـذاء َ ليحيا .. وبالقراءة ِ يجد ُ غـذاءَه ُ ومِدادَه
فإن ْ فقد َ زاده ُ بات َ عـقيم َ الفكر ِ عديم َ النفع
وبات َ صاحبُه ُ جاهلا ً مَبْـتور َ الثقافة .. فيحيا غـريبا ً في عالمِه ْ !!
جـاهلا ً بتاريخ ِ أمّـتِه ْ !! غـير َ آبِـه ٍ بحـاضره ْ !! ولا مُــبال ٍ بمُـستـقبله ْ !!
يُقال ٌ أن ّ " أمّة َ اقرأ " لا تقرأ !! فما السبب ُ وراء َ ما يُـقال ؟!
أتُراها مشاغلُـنا الكثيرة ؟! أم ْ أنها قناعتـُـنا بأن ّ القراءة َ ليست ْ ضرورة ً من ْ ضروريات ِ الحياة ؟!
أخبرتني إحداهن ّ مـرة ً أنها لا تقرأ ُ الكتب َ إطلاقا ً !!
سألتُها عن ِ السبب ِ فأجابت ْ : " لست ُ أهوى مُطالعة َ الكتب .. وليست ِ القراءة ُ إحدى هواياتي " !!
فأجبْـتـُها : " وهل ْ نقرأ ُ الكتب َ لنُمارس َ هوايتَنا بها ؟؟ أم ْ لنجني َ النفع َ منها " ؟؟
هنا يكمن ُ السؤال .. وهنا تكمن ُ المشكلة
ليس َ صوابا ً أن ْ تكون َ القراءة ُ مُجـرّد َ هواية ٍ يُمارسُها فقط ْ من ْ يهواها
فالهواية ُ ما هي َ إلا نشاط ٌ نُؤدّيه ِ في أوقات ِ فراغـنا .. فكيف َ نرضى أن ْ تكون َ
القراءة ُ مجرد َ هواية ٍ نمارسُها فقط إن ْ توفر َ الوقت ُ لدينا ؟!
وماذا لو لم ْ يتوفر ِ الوقت ُ أصلا ً ؟! أتذهب ُ القراءة ُ في مَهب ّ الريح ؟!
أليس َ جديرا ً بنا أن ْ نجتزئ َ شطرا ً من ْ وقتِنا لنقرأ ؟!
بلى ،، حري ّ بنا أن ْ نقرأ .. حتى لو لم ْ توافق ِ القراءة ُ مُيولَنا ورغباتِنا
حري ّ بنا أن ْ نقرأ .. حتى لو ْ أغرقتْـنا الدنيا بمشاغلها
وددت ُ هنا أن ْ أسوق َ مقولة ً للشيخ ِ الراحل ِ " علي الطنطاوي " رحمه ُ الله ..
اقتبستُها من كتابه ِ " ذكريات " ..
يتحـدث ُ شيخُـنا عن ْ نفسه ِ فيقول :
( وكنت ُ مع َ ذلك َ أقرأ ُ كل ّ يوم ٍ مئتين ِ أو ْ ثلاثَمئة ِ صفحة ،
وأنا مستمر ٌ على ذلك َ من ْ يوم ِ تعلمت ُ القراءة َ وأنا صغير ، أي ْ من ْ نحو ِ سبعين َ
سنة ً إلا قليلا ً ،
أصرف ُ فضل َ وقتي كله ُ في القراءة ،
تقولون : كيف َ قدرت َ على هذا كله وكيف َ اتسع َ له ُ وقتك ؟؟ والجواب ُ أنني لم ْ أكن ْ
أقسِم ُ نفسي ولكن ْ أقسِم ُ وقتي .. ) ..
لعـلّنا أدركنا الآن َ لماذا كان َ فقـيدُنا عالم َ زمانِه ْ ،، وأديب َ عصره ْ ،، وفقيه َ أمّـتِه ْ
منذ ُ طفولته ِ عرف َ قيمة َ القراءة .. وجعل َ من َ الكتاب َ صديقا ً لا يُـفارقه
وشـب ّ يحْـمِل ُ هـدفــا ً سامــيا ً وغــاية ً نــبيلة ..
فغـدا فقيه َ الأدباء ِ .. و أديب َ الفقهاء
هكذا كان َ رحمه ُ الله .. وهكذا سنكون ُ نحن ُ إن ْ جعـلنا لحياتنا معـنى
فالحـياة ُ قيمتُها بالعلم ِ والثقافة .. والقراءة ُ مِفـتاحُـها
فإن ْ ضاع َ المفتاح ُ ضاعت ْ قيمة ُ الحياة
فلْنجعـل ْ من ْ مِفتاحِنا سلاحا ً نقود ُ به ِ ركب َ الأمَـم ْ .. كي ْ نسمو بأمّـتنا نحو َ القِـمَم ْ